عقدت مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات التنموية، أمس الاثنين الموافق 27 يونيه 2022، صالونها الثقافي السابع والعشرين، عن “آفاق بناء السلام الاجتماعي في المجتمعات العربية”. حيث أكد الحضور على أن مثل هذه اللقاءات تعد فرصة لإعادة الانشغال بتلك القضية الهامة. وإعادة لفت انتباه أصحاب المصلحة إلى هذا المصطلح الذي يكرس حالة حضارية واجتماعية. مشيرين إلى خطورة انشغال النخب والمجموعات الثقافية بقضايا فرعية بعيدة عن بناء النموذج الحضاري الوطني في الثقافة والتنمية والهوية، وترك المجال لنماذج أخرى تؤثر سلباً على السلم المجتمعي. مشددين على أهمية توسيع حالات الحوار والنقاش في المجتمع.
وتناول الحضور قضية السلام المجتمعي من زوايا متنوعة، منها ما يتعلق بدور الإعلام الجديد في التأثير على الرأي العام والنسيج المجتمعي، وأهمية مشاركة أصحاب المصلحة في صياغة النموذج التنموي، مع التركيز على قضية التعليم بوصفها قضية محورية في موضوع السلام الاجتماعي، حيث يخلق تعدد أنماط التعليم حالة من الانعزال المجتمعي والطبقي، مع فقدان قدرات التعبير عن الذات في النظم التعليمية الجديدة. مشيرين إلى أن دور الدولة في بعض القطاعات الهامة كالتعليم والرعاية الصحية عاملًا مهمًا من عوامل بناء السلام الاجتماعي. كما تطرق الحضور إلى المنظور الجيلي وسمات الأجيال الجديدة، وعدم قيام مؤسسات التنشئة الاجتماعية بدورها في المجال العام، فضلًا عن ترسيخ حالة من التطرف المجتمعي. وكذلك تزايد معدلات العنف التي جعلت التنظيمات الإرهابية الجديدة أكثر عنفًا وشراسة.
وإقليميًا، أشار الحضور إلى حدوث انفجار في السلام الاجتماعي لبعض الدول العربية، كما ساعدت بيئة الصراعات على انهيار القيم وتنامي الرغبات العنيفة والغضب. فضلًا عن الإشارة إلى مخاطر ربط المنظومة الإعلامية والترفيهية بالمنظومة المعولمة بما تتضمنه من قيم غربية تتعارض مع الخصوصية العربية. وكانت الحالة العراقية حاضرة بوضوح في النقاش باعتبارها معبرة عن تدهور السلام الاجتماعي والتمييز الهوياتي الطائفي والعرقي.
وختامًا، أشار الحضور إلى أهمية معرفة احتياجات كل مجتمع لتحقيق السلام الاجتماعي، بل ومراعاة الاختلافات داخل المجتمع الواحد، والاهتمام بعلم دراسات السلام واقتراباته، وتعزيز المؤسساتية بوجود مؤسسات ترعى عملية بناء السلام الاجتماعي وتنسق وتوحد الجهود المبذولة التي تتم بشكل غير مترابط. مع أهمية مراعاة اختلاف النموذج المحلي واحتياجاته عن البرامج الغربية، خاصةً أن جانب كبير منها يركز على مجتمعات الصراع المسلح، فضلًا عن اختلاف التركيبات الاجتماعية والثقافية.
أدار الجلسة د. أيمن السيد عبد الوهاب، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وذلك بحضور د. محمد السعيد إدريس، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ود. فؤاد السعيد، الخبير في دراسات الثقافة السياسية والمجتمعية، وأ.د عبد الكريم الوزان عميد كلية الإعلام بالجامعة الإسلامية بولاية منيسوتا الأمريكية، ود. إنجي محمد، خبير العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ود. محمد الشيمي، أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة حلوان، ود. أسماء فؤاد، الخبيرة في علم الاجتماع السياسي، ود. أحمد موسى بدوي، الخبير في الدراسات السوسيولوجية، والشيخ إبراهيم الصوفي، الواعظ بالأزهر الشريف. وكذلك شارك في نقاشات الصالون أمل مختار، الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومحمد السقاف مدير التواصل بمؤسسة طابة، والشيخ مصطفى ثابت مدير مبادرة سؤال بالمؤسسة، وأحمد سلطان الباحث في شئون التطرف والإرهاب، وحسناء تمام الباحثة في دراسات السلام.