عقدت مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات التنموية الصالون الثقافي الثاني عشر، حول الإدراك المجتمعي لقضية الإلحاد وحدود إمكانية توصيفها كظاهرة اجتماعية، وذلك بحضور مجموعة من الباحثين والمتخصصين في علم الاجتماع والعلوم الشرعية والسياسية والفلسفة وعلم النفس، ومجموعة من الشباب من خلفيات متنوعة، ومنهم: د. جمال فاروق، عميد كلية الدعوة سابقًا، ود. أيمن السيد عبد الوهاب، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ود. محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، ود. أحمد موسى بدوي، أستاذ علم الاجتماع، ود. فؤاد السعيد، الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ود. ماجدة عمارة، أستاذ الفلسفة وعلم النفس، و أ.أحمد الأزهري، باحث في تاريخ الفكر الفلسفي في التراث الإسلامي.
واستهدف النقاش طرح قضية الإلحاد من منظور مجتمعي، والوقوف على حدود إمكانية توصيفها كظاهرة، وهنا تم الإشارة إلى أن قضية الإلحاد تعد ظاهرة محدودة الانتشار، حيث أن الظاهرة تبدأ من تكون جماعة من 3 أفراد، وهو ما يتوافر في قضية الإلحاد، وإن لم يكن هناك دراسات رصدية تعكس مؤشر قياس دقيق لحجم الظاهرة، وقد يرجع ذلك إلى خصوصية ظاهرة الإلحاد نظرًا لارتباطها بالمعتقد الديني الذي يتعامل معه الأفراد باعتباره ثقافة ضمنية ترتبط بحساسية الإفصاح عنها، وهو ما يصعّب مهمة الباحثين في الرصد.
أيضًا تم التطرق إلى بحث تأثير تلك القضية على رؤى وإدراكات أصحاب التساؤلات الوجودية الكبرى لذواتهم وللمجتمع، وإلى أي مدى يتقبل الحس المشترك للمجتمع وبنيته المؤسسية والقانونية وجود ظاهرة الإلحاد والتعامل مع منتسبيها، وعدم وجود هذا القبول لا يؤدي بالضرورة إلى اختفاء الظاهرة حيث تظل قائمة في إطار الظواهر الاجتماعية السرية في البناء النفقي للمجتمع، التي يستمر أعضائها في التفاعل، وإن لم يتم الإفصاح عن ذلك بشكل صريح ويتم السكوت عنه.
وحول تفسير العوامل والسياق التي تشكل دافع لانتشار ظاهرة الإلحاد، تم الإشارة إلى أن أبعاد الظاهرة متعددة حيث لا يمكن تناول الظاهرة في ضوء متغير أو بُعد واحد، فهناك جملة من العوامل الاقتصادية والسياسية والثقافية التي ساهمت في زيادة انتشار الظاهرة، وإن كان تم ذلك بشكل غير مقصود. أيضًا تم الإشارة إلى آثار التطور التكنولوجي ومظاهر العولمة التي تدفع للتحرر من المنظومة القيمية الخاصة بالنسق الثقافي الحاكم للمجتمع العربي والإسلامي، والتي ترتكز بشكل أساسي على الدين، على النحو الذي يؤثر بدوره على الهوية الوطنية في تلك المجتمعات.
وحول مداخل وسبل التعامل مع تلك القضية في إطار السياق المجتمعي الحاكم، تم الإشارة إلى الدور الذي يمكن أن تحققه التنشئة الاجتماعية من خلال الأسرة أو المدرسة في تعزيز البنية المعرفية (المخزون المعرفي الذي تراكم في الذاكرة عبر خبرات الواقع والتنشئة الاجتماعية وإدراك الإنسان ومستوى تفكيره) للأفراد، بما يعزز المناعة الفكرية والنقدية لمناقشة وطرح تلك الأفكار والتساؤلات حول الظاهرة.
لمشاهدة الصالون بالكامل: