*الصورة من إهداء السيد سهيل ناخوذة
أبوظبي، 8/5/2017.
نظمّت مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات بالتعاون مع مؤسسة زغبي للخدمات البحثية فعالية إطلاق نتائج الاستطلاع الثاني في المنطقة العربية حول مواقف شباب جيل الألفية من الدين وعلمائه وما يتعلّق بالهوية، والتديّن، والدين في النطاق العام، والتطرّف، وقد شمل 6,862 شابًا وشابّة أعمارهم بين 15-33 من تونس والجزائر والسودان والعراق وعُمان وقطر ولبنان وليبيا وموريتانيا واليمن.
استهلّ الفعالية الباحث عبّاس يونس في مبادرة طابة للدراسات المستقبلية بكلمة أشار فيها إلى اهتمام المبادرة باستجلاء الهوية الدينية عند الشباب على مستوى المفهوم والتطبيق، وهو الباعث على إجراء هذا الاستطلاع والذي قبله العام الماضي (شمل 8 دول أخرى) لفهم المسارات المستقبلية لصلة الشباب بالدين. وذكر أنّ البيانات الناتجة عنهما تأخذ مجال الاستفادة منها باتّجاه المعالجة الفعلية لكثير من المسائل المتعلّقة بالشباب وفهمهم للدين.
ثمّ قام جيمس زغبي، مدير مؤسسة زغبي للخدمات البحثية، بعرض أهم نتائج الاستطلاع، ومنها: أنّ الهوية الوطنية هي الهوية الأساسية عند الشباب العربي المشمولين في الاستطلاع؛ وأنّهم يريدون أن يعرفهم الآخرون بدينهم؛ وأنهم يعتقدون أنّ المواطنين غير المسلمين في البلاد الإسلامية ينبغي أن يُعاملوا بمساواة في الحقوق؛ وأنّ الجانب الأهم من الإسلام عندهم هو العيش وفق الأخلاق والآداب الإسلامية؛ وأنّهم يَقبلون النصيحة الدينية المقدَّمة في الأماكن العامة؛ وأنّهم لا يعتقدون أنّ الخطاب الديني يصطدم مع العالَم الحديث، ولكن إذا عُمِد إلى الإصلاح أو التجديد فينبغي أن يقوم به علماء ومؤسسات دينية؛ وأنّهم يرون دورًا مهمًّا للدين في مستقبل بلادهم؛ وأنّ العناية بغرس قيم الإسلام في المجتمع وتعزيز التقدّم والنهضة في الوطن هما الواجبان الدينيَّان الأهم؛ وأنّهم يقدّرون المفتين والعلماء بأنّهم الأحق في إصدار الفتاوى الدينية؛ وأنّ البرامج الدينية المتلفزة هي المصدر الأهم الذي يأخذون منه الإرشاد والتوجيه؛ وأنّهم يريدون أن تكون مدة خطبة الجمعة معقولة أكثر، لا طويلة ولا قصيرة؛ وأنّهم يقصدون إمام مسجد الحيّ، ثمّ مركز الفتوى المحلي، ثمّ البرنامج الدينية المتلفزة للإجابة عن استفساراتهم الدينية؛ وأنّ الإرهاب والتطرّف باسم الدين أهمّ أسباب التشكّك في الدين؛ وأنّهم يرفضون عمومًا الجماعات المتطرّفة كداعش والقاعدة، مع أنّ لدى قلة منهم موقفًا متأرجحًا حيالها.
بعد ذلك علّق الشيخ أحمد الكبيسي بكلمة بيّن فيها أنّ ما نشهده من فتن ومظاهر فساد في الأمّة قد أخبر عنه النبي ﷺ بالتفصيل، وأنّ العودة إلى صحيح الدين وسماحته واعتداله، كما العهد الراشد الأول، لا ريب قادمة كما وعد ﷺ في الحديث الشريف. وذكر أنّ داعش ليس فيهم مؤمن بل هم يسيئون للدين، وأنّ على الشباب أن يثبتوا على الطريق السوي المستقيم، وأن لا تغرّنّهم دعاوى المتطرّفين الباطلة فهي إلى زوال؛ وأنّ عليهم أن يحسنوا الظنّ بأنفسهم ولا يقعوا في فخّ الحملة الإعلامية الغربية التي تصوّر الإسلام بأنّه دين إرهاب.
أعقب ذلك حوار حول بعض النقاط التي كشف عنها الاستطلاع مع الحبيب علي الجفري أجرته الدكتورة جميلة خانجي، مستشارة الدراسات والبحوث في مؤسسة التنمية الأسرية، أول إماراتية تحصل على جائزة ستيفي الذهبية العالمية. وقد أوضح الحبيب علي في الحوار أنّ النتائج تتطلب دراسة وتمعنًا من قبل فئات مختلفة في المجتمع وتفكيرًا جادًّا مع أصحاب القرار، وإقامة حلقات نقاش مع الشباب؛ وأنّ أساس الهوية الدينية يقوم على أركان الإسلام والإيمان وعلى تفعيل الكلّيات الشرعية الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال؛ وأنّ النظرة إلى الآخر تحتاج إلى توعية؛ وأنّ عدم قبول المحتوى الثقافي إذا انتهك القيم الإسلامية مؤشّر إيجابي عند الشباب وقد كان في الاستطلاع الماضي مرتفعًا، وكذلك ثقافة احترام الآخر، عند شباب الإمارات؛ وأنّ الإصلاح الديني في المصطلح الفلسفي لا حاجة لنا إليه، إنّما نحتاج إلى التجديد، وذلك في مجال تفكيك جذور الفكر المتطرّف وفي مجال الاجتهادات الفقهية في المتغيّرات لا الثوابت، وفي مجال النموذج المعرفي الإسلامي؛ وأنّ المؤامرة على الأمّة قائمة ولكن لم تكن لتنجح لولا الضعف والوهن الذي أصابها؛ وأنّ النسبة بين الشباب (1-6%) الذين يتفقون مع المنظمات المتطرّفة كداعش نسبة خطيرة، فينبغي النظر في أسباب التطرّف وتضافر الجهود في إعادة ترتيب بيت الخطاب الديني، وفي دور المثقفين الذين اعتادوا إلقاء اللوم على الخطاب الديني، وفي دور المدارس والجامعات، وفي الدور الخطير للإعلام (الذي كثيرًا ما ينتهج التشنيع على علماء الدين)، وفي دور المسؤولين.
وختامًا طرح عدد من الحضور استفساراتهم عن كثير من النقاط والنتائج التي كشفها الاستطلاع أجاب عنها الحبيب علي عن مؤسسة طابة وجيمس زغبي عن مؤسسة زغبي.