عقدت يوم الخميس الماضي الموافق 18 أكتوبر في مقر مؤسسة طابة للبحوث والاستشارات بالقاهرة، ورشة عمل بعنوان: «مشكلة الشر بين المعالجة الفلسفية، وسير الصوفية» تطرقت للكلام حول معضلة الشر في الفكر اللاهوتي المسيحي، وفي التراث الكلامي الإسلامي، وأشهر الحجج الفلسفية للإجابة عن وجود الشر الطبيعي والأخلاقي في الكون، وأهم الأطروحات الخاصة بالثيوديسيا لأشهر أعلام الفكر الغربي، كما تناولت الورشة أسباب وجود الشر والفساد في العالم في كتابات الصوفية من المسلمين كالإمام القشيري وأبو حامد الغزالي وابن عطاء الله السكندري.
حاضر في الورشة وأدارها الشيخ مصطفى ثابت مدير مبادرة سؤال، وحضرها فضيلة الشيخ مختار محسن أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وبعض الباحثين في العلوم السياسية والفلسفة وبعض العاملين في مجال حقوق الإنسان بمكتب الأمم المتحدة في القاهرة، وبعض طلاب كلية الهندسة وأصول الدين بجامعة عين شمس وجامعة الأزهر وغيرهم.
حلقة نقاشية مركزة لأطروحة الشيخ أسامة الأزهري عن مفهوم تجديد النموذج المعرفي بوصفه جوهر تجديد الخطاب الديني
أطلقت مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات صالونها الثقافي في أولى جلساته بحضور نخبة من العلماء والباحثين والكتّاب والمفكرين من مدارس فكرية وعلمية مختلفة. ويهدف الصالون أن ينطلق من رؤية داعمة لأهمية وأولوية الحوار حول القضايا المجتمعية التي تهم المواطن المصري والعربي والإسلامي بتشابكاتها المتعددة الفكرية والعلمية والثقافية، فضلًا عن ترشيد آليات الحوار وتعزيز ثقافته كأحد الركائز الداعمة لبناء التوافق المجتمعي وإثراء الوعي والمعرفة والأفكار عبر قراءة جيدة للواقع بأبجديات صحيحة تفرض ضرورة “الحوار مع الذات”، وذلك بعيدا عن الانخراط في مهاترات الأحداث اليومية الدائرة.
انطلقت الأمسية بكلمة رئيسة لفضيلة الشيخ د. أسامة الأزهري المستشار الديني لرئيس الجمهورية عضو مجلس أمناء مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات، وضح من خلالها مستويات ثلاثة لتجديد الخطاب الديني، وهي:
المستوى الأول: إطفاء النيران: من خلال المواجهة السريعة للأفكار المغلوطة.
المستوى الثاني: التأصيل وإعادة النظر: من خلال إعادة عرض حقائق الإسلام الكبرى ومنطلقاته ومقاصده، وهو ما وصفه بإعادة التعريف بالدين، وكذاك معرفة الخطأ والصواب للرد على تيارات التطرف.
المستوى الثالث: الصناعة الثقيلة الرصينة: من خلال إعادة تجديد النموذج المعرفي الإسلامي، والنموذج المعرفي هو الخريطة الذهنية التي ينظر الانسان من خلالها لصناعة المعرفة (توماس كون، بينة الثقافات).
جاء في كلمته بأنه كان لدينا نموذج معرفي واضح حتى القرن العاشر الهجري وإسهامات إسلامية في الحضارة باختلاف أنواعها، أسهمت ظروف عديدة في خروج المسلمين من مضمار هذا الإسهام من أكثرها تأثيراً دخول التتار. ووصف الأزهري نموذج مؤسسة طابة للدراسات المعمقة بأنه يساهم في تعميق فكرة الاشتباك في التيارات الفكرية القائمة، مشيرا إلى أنه يساهم فيما بعد في بلورة نموذج معرفي مختلف.
أدار الحوار والمداخلات د. أيمن عبدالوهاب خبير الدراسات المصرية، هذا وقد تحدث الدكتور جمال فاروق عميد كلية الدعوة الإسلامية في كلمته خلال الجلسة قضية أهمية دور علم أصول الفقه وعلم الكلام وتناول فكرة الركود العلمي وأهمية تحفيز المشتركين في العلوم والمعرفة بمختلف مجالاتها للمواكبة. وثنى على أهمية الاعتناء بذلك د. محمد عبدالرحيم بيومي عميد كلية أصول الدين بالزقازيق. وجاءت كلمة د. عمرو الشبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عن الإسلام السياسي وأسلمة العلوم، وأثار إشكالية التجديد الديني بإصلاح المجتمع، كما تحدث عن منظومة القيم وإعلاء العقل والهوية والشباب، وأكد على أهمية التقاء العقلاء من مختلف الخلفيات والاتجاهات الفكرية لمد جسور الحوار المتفهم. كما أشار د. ضياء حمود أستاذ النقد الأدبي الحديث بكلية اللغة العربية بالمنوفية إلى مقارنة حول ماهية النموذج المعرفي بين كونه فرضيات مختلقة أم نتاج للواقع. ومن جانبها تحدثت أمل مختار الباحثة بمركز الأهرام عن تجديد العلوم وأعادت للأذهان من خلال كلمتها ما حدث بعد القرن العاشر الهجري الذي يعتبر العصر الذهبي للإسلام.
وخرجت أولى جلسات الصالون بعدة رؤى من بينها أهمية إعادة النظر في مواكبة منظومة العلوم التي تدرس في المعاهد الشرعية في العالم الإسلامي، بالإضافة إلى التأكيد على أن ضعف التمويل الوقفي له الأثر الأكبر على انهيار التعليم منذ تأميم أوقاف التعليم في مصر على يد السلطان الغوري في القرن العاشر الهجري، بينما تمتلك المؤسسات التعليمية الكبرى هارفارد وييل وكيمبردج أوقافا استثمارية تقدر بعشرات المليارات في الوقت الذي تفتقد فيه مؤسساتنا التعليمية إلى هذا الرديف الأساسي لاجتذاب الكفاءات وكفاية متطلباتها البحثية والمعيشية.
كما توافق الحضور على أن هناك قراءة معكوسة للسيرة النبوية يجب تصويبها وذلك بدءا من فهم وقراءة شمائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وضربوا مثلا باللمسات الإنسانية في السيرة النبوية في التعامل مع الطفل، والمرأة، والبيئة والغزوات في السيرة النبوية. وأكد عدد من العلماء المشاركين على أن الفكر الإسلامي في أصله فكر نقدي وضربوا أمثلة بخلاف الأشاعرة والماتريدية وخلافهما مع المدارس العقلية الأخرى وكذلك اختلاف الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وخلافهم مع المدارس الفقهية الأخرى.
وفي ختام الأمسية شكر الحبيب علي الجفري رئيس مجلس أمناء مؤسسة طابة الحضور على المناقشات التي أسهبت وأسهمت في الإثراء الفكري والتي راعت تنوع مجالات فكر الحضور. وأعلن أن الصالون سيواصل عقد جلساته بشكل شهري وسيضم تنوعاً أكبر من النخبة المنتقاة للحضور، وأكد أن التحدي هو فهم بعضنا البعض أولًا قبل تفهّم بعضنا البعض، موضحا أن بين المعنيين فارق كبير.
جدير بالذكر أن مؤسسة طابة هي مؤسسة غير ربحية تُعنى بتقديم أبحاث ومبادرات واستشارات وتطوير كفاءات للإسهام في تجديد الخطاب الإسلامي المعاصر للاستيعاب الإنساني، وتسعى إلى تقديم مقترحات وتوصيات لقادة الرأي لاتخاذ نهج حكيم نافع للمجتمع بالإضافة إلى إعداد مشاريع تطبيقية تخدم المثل العليا لدين الإسلام وتبرز صورته الحضارية المشرقة.
يسر مؤسسة طابة دعوتكم إلى محاضرة علمية للتعريف ببنية العلوم الشرعية وأهميتها وبيان علاقتها بسائر العلوم مع ذكر نماذج من التاريخ العلمي في دولة الإمارات اقرأ المزيد →
من دون شك أن جذور العلاقات القديمة بين الإمارات والبحرين تمتد لأكثر من مائتي عام، وأنها الآن، في عهد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في أحسن أحوالها اقرأ المزيد →
راجت خلال القرن المنصرم خرافة تزعم أنّ الإمام الغزالي قد هدم صرح التفكير العقلي في الإسلام وأنّه كان السبب وراء انتهاء العصر الذهبي للحضارة الإسلامية الذي أنتج كبار العلماء كالبيروني والفارابي وابن سينا.
في هذه المحاضرة سيأتي ربط تدعيم الإمام الغزالي لنتائج العقل والعلم بظاهرة أخرى. إذ يرى أنّ اليقين لا يحصل إلا من طريق الصوفية بالذوق الروحي الذي هو فوق حدود العقل. ويمكن القول إنّ رواج هذه الظاهرة باعثها ضمنيًّا تأثيرُ الحداثة الذي جسّدته توتّرات نشأت بين شيخ الإسلام الراحل مصطفى صبري أفندي ومحمّد عبده. والذي كان على المحكّ في هذا التوتّر هو مسألة إن كانت الأدلة العقلية لا تزال يقينية أم أنّ الحداثة “أظهرت” الحاجة إلى أدلة تجريبية ضرورية لتحديث عقائد المسلمين.
مصطفى ستاير باحث مساعد، مشارك في مشروع مؤسسة طابة حول ترتيب العلوم، وهو حاصل على درجة الماجستير من جامعة لندن، معهد التعليم، في مناهج التعليم وأصول التربية والتدريس، ويستكمل حاليًّا درجة الدكتوراة في الفلسفة في مجال علم اللاهوت من جامعة أكسفورد؛ ولم ينقطع منذ أكثر من 15 سنة عن دراسة العلوم الإسلامية الأصيلة، وهو مجاز في تدريس علم المنطق.
يتشرف فريق برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز بالتعاون مع مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات التنموية بدعوة سيادتكم لحضور المنتدى تحت عنوان “دور الدعاة الدينيين في درء الوصم والتمييز”، بحضور الحبيب علي الجفري رئيس مجلس أمناء مؤسسة طابة.
تتناول أجندة المنتدى المحاور التالية:
•الوضع الوبائى لفيروس نقص المناعة البشر بمصر
•الوضع العالمي لفيروس نقص المناعة البشرية
•رأي الدعاة الدينيين في معالجة الوصم والتمييز تجاه الفيروس
خرج الشيخ مصطفى صبري (آخر شيخ للإسلام في الدولة العثمانية) من تركيا إلى مصر بعد سقوط الدولة العثمانية ففوجئ بآراء دينية غريبة تطرح في الصحف المصرية من مثقفين مصريين (أزهريين وغير أزهريين). فبدأ يناقشهم في جزئيات المسائل الدينية التي يطرحونها إلى أن وجد أن حقيقة خلافه معهم ليست في المسائل الدينية لكن في الإطار الفلسفي العام الذي ينظرون من خلاله إلى المسائل الدينية. فهم يفكرون مثل كانط وهيغل وكومت وهو يفكر مثل ابن سينا والرازي والجرجاني، فكتب كتابا يعتبره مقدم هذه المحاضرة لقاءً حيا بين الفلسفية الإسلامية وفلسفة الحداثة. ماذا كانت طبيعة هذا اللقاء وما هي الأسئلة التي جرت فيه؟ هذا ما ستحاول المحاضرة أن تتعرض له .
محمد سامي باحث مساعد في مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات حاصل على ماجيستير الفلسفة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة وقرأ في مقدمات العلوم الشرعية مع شيوخ من اليمن ومصر وموريتانيا وبريطانيا.
كانت مجابهة التطرف الأيديولوجي الديني في البلدان الإسلامية ولا تزال قضية هامة في العالم الإسلامي والغرب منذ سنوات عديدة. ومع ذلك، توجد أشكال أخرى من التطرف غالبًا ما يُغضُّ الطرف عنها وهي تشكل تهديدًا، لا يقل خطورة، على مجتمعاتنا. فحركات التطرف اليميني تحظى بشعبية متزايدة في مجتمعات أمريكا الشمالية وأوربا. ومن الغريب أنّ هذه الجماعات اليمينية المتطرفة تردد ادعاءات عديدة مماثلة لتلك التي تنشرها الجماعات الإسلامية المتطرفة.
سوف يستعرض الدكتور نافيد باكالي في هذه المحاضرة صعود اليمين المتطرف في الغرب، ويقارن بينه وبين التطرف الأيديولوجي الإسلامي. وبهذه المقارنة سوف يخلص إلى رؤى تتعلق بالأسس الأيديولوجية التي يقوم عليها الفكر المتطرف من هذه الخيوط المتباينة، ويبحث فيما تقتضيه سياسات مواجهة التطرف العنيف بخصوص هذين النوعين من التطرف.
يدير المحاضرة الدكتور نديم ميمون، مدير قسم التعليم في مجموعة جامعة أبوظبي للمعارف.
الدكتور نافيد باكالي محلل أبحاث في مبادرة طابة للدراسات المستقبلية، ويعمل على مواضيع مختلفة في مجالات الهوية، ومواجهة التطرف العنيف، والتعليم الإسلامي المعاصر.
حصل الدكتور نافيد على الدكتوراة في الدراسات التربوية من جامعة ماكغِل، وهو مؤلف كتاب “الإسلاموفوبيا: فهم العنصرية ضد المسلمين من التجارب الحية للشباب المسلم”.
نظمت مؤسسة طابة ندوة تحت عنوان: هل ينبغي أن تكون للعلم الحديث مبادئ فلسفية؟ ألقاها الباحث بالمؤسسة الأستاذ حسن سبايكر.
عرضت الندوة الصورة السائدة في الجامعات الحديثة عن تقسيمات العلوم إلى الفئات وترتيبها من حيث العلمية، فالعلوم التجريبية تقدم على أنها أكثر العلوم علمية ويقينية، ثم العلوم الاجتماعية كالاقتصاد وعلم النفس، ثم العلوم الإنسانية كالفلسفة والتاريخ، ثم علوم أخرى نسبية كالدين. ثم تم عرض التقسيم التراثي التقليدي للعلوم وهو كون الفلسفة الأولى أو الميتافيزيقا هي سيدة العلوم وأكثرها اليقينية والتي تستمد العلوم الأخرى المبادئ منها.
ثم استعرض الأستاذ حسن الأسباب التاريخية والاجتماعية والفلسفية للتحول من الطريقة التراثية التقليدية لتقسيم وترتيب العلوم إلى الطريقة الحديثة، وختم محاضرته بالكلام عن أثر ذلك على النظرة للعلوم الشرعية الإسلامية والجدل الحالي حول مدى علمية علوم الدين.
أدار النقاش الأستاذ أحمد الأزهري الباحث في المؤسسة طابة وطرحت العديد من الأسئلة عن كيفية الدمج بين العلم والدين، وكيفية الاستدلال على صحة الدين من الحضور المكون من شباب من جنسيات وتخصصات دراسية مختلفة.
كلتا وسائل الإعلام الجماهيري ووسائل التواصل الاجتماعي نطاق عامّ للخطاب الإسلامي. وإذا ما نظرنا إلى نماذج الأحكام الفقهية المنتشرة انتشارًا واسعًا عبر هذه الوسائل الرقمية فسنلاحظ أنّ الفقهاء أنفسهم، دائمًا تقريبًا، لا يقرّون بشرعيتها، كما لا يقرّ بها عموم الناس. ومع كلِّ ذلك، تنتشر هذه المواد، وكثيرًا ما تُطرح على أنّها من العلم المقبول عند سواد الناس، مما يؤدّي إلى سوء فهمٍ للإسلام والمسلمين والعلوم الشرعية. في الوقت نفسه، المواد التي يعدّها الفقهاء شرعيةً ، والمقبولة عند فئات كبيرة مهمة من المسلمين لا تلقى انتشارًا، ومن ثمّ لا تكاد تؤثّر على إدراك عامّة الناس.
يعرض الباحث موسى فيربر ورقته التحليلية عن هذه الإشكالية وأطروحته لتفسير أسباب حدوثها، والأعمال المقترحة لعلاج المشكلة. سيلي ذلك نقاش مفتوح حول الموضوع.