استضافت مؤسسة التي تُعنى بإعادة صياغة الخطاب الإسلامي المعاصر وتقديم الأبحاث والاستشارات في أبوظبي الأستاذ الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمّدية لعلماء المغرب حيث ألقى محاضرة في خيمة طابة الفكرية عنوانها “التجربة المغربية في إعادة الخطاب الديني للمنهج الأصيل.
وقد أشار في حديثه النافع الماتع إلى أنّ هذه التجربة هي قصة عبور من هندسة فكرية إلى إعادة حالة مضطربة إلى نصابها ونظامها وأصالتها يتجدد فيها خطاب لا ينفصل عن مقاصده وغاياته ومناهجه وبرامجه. وهذه الهندسة سداسية الأبعاد تبدأ بولاية الأمر التي من مهامها أن تكون حاسمة في إحلال السلم؛ ثم المجلس العلمي الأعلى الذي تفرع عنه مجالس علمية عديدة، والمعني بالإرشاد والفتيا: الإرشاد وفق أصول مرعية جرى عليها العمل، والفتيا يقوم عليها المجلس العلمي للإفتاء حصرًا ويرأسه ولي الأمر لضمانة ألا تزيح عن سكّة الأصول المقررة. وتشرف هذه المجالس العلمية على تكوين مستدام للأئمة وتأهيلهم ضمن إطار خطة ميثاق العلماء. وتشرف هذه المجالس أيضًا على الدروس في المساجد حتى لا يصير حبلها على غاربها.
وقد آل الأمر بالمجالس العلمية إلى الإشراف على جميع المعاهد الشرعية، وأنيط بها تجديد القرويين؛ ولها عناية بالنظر في السياق وتضاريسه، فقامت الدراسات السياقية وهي مستمرة، وقد اعتنت بالبعدَين الشرعي والواقعي.
وأنيط بالرابطة المحمّدية لعلماء المغرب مهام جسام عبر 21 وحدة بحثية، منها وحدة لمكافحة التطرّف، ووحدات تعالج سلوكيات منحرفة شتى، وأخرى لبناء القدرات، وإعداد جيل متجانس من المثقفين والعلماء وفق دلائل تكوينية. ومن ذلك أيضًا وحدة “باللوح والقلم” التي تعتني بالأطفال وتجمع أبناء الأمراء بأبناء الملاجئ على بساط واحد. وقد أفادت هذه الوحدة ببرامجها المدروسة كثيرًا، فلديها 35,000 مقالة كتبها أطفال لأطفال. وفي ذلك حماية للنشء والأجيال من أن يجتالهم أهل الزيغ والضلال والأفكار المريضة والتطرّف.
وشدّد الدكتور عبادي على ضرورة تفكيك الشعارات والدعاوي الكبيرة التي تجذب بها داعش الشباب وبيان ضلالاتهم وقبح انحرافهم وأنّهم وفق التعبير النبوي مارقون من الدين؛ وذلك بالنظر إلى المقاصد الشرعية الكبرى وهي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، التي يقفون منها موقف المنتهك والمتعدّي والجاني.
وذكر المحاضر أن المملكة المغربية تبذل الوسع في رعاية هذه المقاصد العالية بتفعيل وظيفة الدولة ومهامّها بضمان أمن الناس ورعاية سلامتهم والنهوض بكافة أحوالهم وشؤونهم.
وقد تفاعل الحضور بمداخلات واستفسارات قيمّة تركّزت على الإفادة بسبل الاستفادة من التجربة المغربية ودور المجتمع بكافة مستوياته في التصدّي للتطرّف ودور العلماء بالتصدّي الفكري المركّز لأطروحاته، ورعاية شباب الأمة من الانزلاق في كمائن أهل الزيغ والضلال والغلو، بإبراز البناء الأصيل للدين ومقاصده الذي تأسس منذ عهد النبوة على الرحمة والجمال وتنمية الطاقات واستثمارها في الخير والعطاء والعلم والنماء.
وقد كان من بين الحاضرين علماء ومستشارون وسفراء ودبلوماسيون وباحثون وإعلاميون، منهم فضيلة السيد علي الهاشمي مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للشؤون الدينية والقضائية، مستشار الشؤون الدينية لرئيس جمهورية الشيشان آدم شهيدوف، وفضيلة الشيخ أسامة الأزهري مستشار الشؤون الدينية لرئيس جمهورية مصر العربية، وخطيب جامع القرويين د. إدريس الفهري، ود. أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، ووفد رفيع المستوى من المجمع الصوفي العام بالسودان، وعدد من أصحاب السعادة السفراء ونوابهم منهم سعادة سفير المغرب محمد آيت وعلي، وسفير تونس حاتم الصائم، وسفير ليبيا د. عارف نايض، وسفير جزر القمر سيد عبدالله باعلوي، وعدد من منسوبي مراكز الأبحاث والدراسات في الدولة، ومن ضمن المداخلات في اللقاء تعقيبان لكل من د. منى البحر عضو المجلس الوطني السابق، ود. حصة لوتاة أستاذ الإعلام بجامعة الإمارات.