وفد من الاتّحاد الأوربي لدى دولة الإمارات العربية المتحدة يزور مؤسسة طابة

استقبلت مؤسسة طابة، يوم الاثنين الموافق 19 ديسمبر، وفدًا من الاتّحاد الأوربي لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، يرأسه السفير باتريزيو فوندي والسيد يان فيغل، المبعوث الأوروبي الخاص لتعزيز حرية الدين أو المعتقد خارج الاتّحاد الأوربي، الذي كان في زيارة خاصة لدولة الإمارات. استقبل الوفد السيد نور الدين الحارثي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة طابة، والسيد عباس يونس، المحلل في مبادرة الدراسات المستقبلية بالمؤسسة.

وكانت المناقشات واسعة النطاق وركّزت على قضايا هامة ذات صلة بالدين والعالم المعاصر، ومن ذلك دور الإيمان والعقل في التراث الإسلامي، وعمق الشريعة وتنوعها وأهمّيتها في تديّن المسلمين، وتطبيقها في البلاد ذات الغالبية غير المسلمة، واعتماد الفهم الصحيح لها على العلم الصحيح والعلماء المعتبرين الذين يجسدون تراث المنهج العلمي الإسلامي السائد.

وبيّن السيد عبّاس يونس أنه نظرًا إلى أن العالم قد صار معقلاً لتعدد الأفكار ونُظُم القيم والرؤى العالمية، فلن يظهر حوار وتسامح حقيقيَّين إلا حين يحصل اعتراف بهذه التعددية في جميع أنحاء العالم. وأكّد السيد فيغل أهمية تعزيز فهم الدين في جميع قطاعات الحياة المدنية وأشاد بجهود مؤسسة طابة في هذا الشأن.

مؤسسة طابة تنظم ندوة لمحاضر من جامعة ييل حول كتاب الإمام الغزالي: تهافت الفلاسفة

ضمن إطار مبادراتها البحثية والفكرية وإتاحة مساحات من التواصل الأكاديمي والثقافي، عقدت مؤسسة طابة مساء أمس ندوة فكرية تحت عنوان: «تهافت الفلاسفة» للإمام الغزالي وحضوره في البحث الفلسفي عند علماء الأشاعرة والماتريدية، للدكتور إرِك فان لِت، المحاضر بقسم الدراسات الدينية بجامعة ييل الأمريكية والباحث الزائر بمعهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان.

تطرق المحاضر لبعض الأفكار السائدة في دوائر علمية في الشرق والغرب بخصوص كتاب «تهافت الفلاسفة» للإمام الغزالي، موضحًا أنّ الإمام أبا حامد الغزالي على عكس الشائع لم يكن في مقصوده من هذا التأليف هدم الفلسفة أو القضاء عليها، بل أراد إحياء النقاش الفلسفي بطريق النقد والبحث في أخطر قضاياه. كما أظهر المحاضر أنّ كتاب «تهافت الفلاسفة»، على خلاف الشائع كذلك، حاز على اهتمام علماء الكلام الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة والجماعة. ولكنه نبه في حديثه على خطورة حصر الإسهامات الفكرية لمتكلمي الأشاعرة والماتريدية في نطاق علم الكلام، بل أكّد أنّ لهم كتابات فلسفية هائلة، وأنه لا ينبغي أن تصنف مؤلفاتهم بحسب انتمائهم الفكري في البحث الإسلامي الداخلي، وإنما تعتبر من البحث الفلسفي المتعالي على الخلافات الداخلية بين المدارس الكلامية.

وأيضًا من أبرز ما جاء في محاضرة الدكتور فان لِت أن الكتابات التراثية المتأخرة اشتملت على طرح فلسفي عميق جدير بالإحياء والدراسة. وقد تعرض في حديثه إلى أسباب غفلة المؤرخين للفلسفة الإسلامية من الشرقيين والغربيين عن الدور الكبير الذي قامت به المدارس الشرعية في إنتاج تراث زاخر وفريد من الشروح والحواشي والتعليقات من شأنه أن يساهم في الإجابة عن أسئلة فلسفية عويصة. ومما يلفت الانتباه أن الدراسات المقارنة التي قام بها الدكتور فان لِت بين الكتابات التي أُلفت في خدمة «تهافت الفلاسفة» للإمام الغزالي احتوت على ملاحظة دقيقة للتباينات الطفيفة بين عبارات كل كتاب ودلالة ذلك على تنوع أساليب المؤلفين ومناهجهم.

أدار الحوار بهذه الندوة الأستاذ الباحث أحمد حسين الأزهري، المسؤول عن إحدى المبادرات بمؤسسة طابة، والذي أبرز في حديثه النقاط الرئيسة والمحورية التي تعرض لها الدكتور فان لِت في محاضرته. كما شارك الأستاذ أحمد الأزهري المحاضر التعليق على بعض الأسئلة التي طرحها الحضور. ومن أهم ما جاء فيها الالتفات إلى جوانب الاتفاق والافتراق بين الشرق والغرب في مفهوم الأصالة والإبداع، والتركيز على قيمة التراكم في الإنتاج المعرفي، والتنبيه على أدوات البحث التراثي المعاصر التي تشتمل على استعمال التطبيقات الرياضية والتكنولوجية في تحليل النصوص القديمة. وأشار إلى أن البحث التراثي يتطلب القدرة على تشريح النصوص وتحليل عناصرها بالنظر إلى البناء التنظيمي للمؤلفات التي تحتويها وكذلك بالنظر إلى المصادر التي اعتمدت عليها.

هذا وقد شهدت المحاضرة حضور فضيلة الشيخ خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، والأستاذ الباحث مصطفى ثابت من إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء أيضًا، والدكتورة سونيا لطفي أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر الشريف، والشيخ محمود مرسي باحث الماجستير بجامعة الأزهر الشريف، والشيخ علاء عبد الحميد مدرس الفقه الحنفي والعقيدة بعدد من المراكز التعليمية، والدكتورة أميرة مخلوف المحاضرة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والأستاذ شريف جمال سالم الباحث بالجامعة الأمريكية أيضًا، ومجموعة من الدارسين بجامعة القاهرة وجامعة الأزهر.

المالد في وجدان الإمارات

في أجواء المحبة والتسامح التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة بمناسبة إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف عقدت مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات في العاصمة أبوظبي محاضرة بعنوان: المولد النبوي “المالد” في وجدان الإمارات قدمها الباحث والشاعر ثاني المهيري، وصاحب المحاضرة عرض لوحات فنية تجسد ملامح من المالد للرسام سيف علي السادة.

قدم المهيري عرضا بحضور رئيس مجلس الإدارة الحبيب علي الجفري وعدد من الشخصيات والشباب المهتم بالموضوع عن هذه المناسبة العظيمة التي يحتفل العالم الإسلامي بها بدءا من المصنفات حول سيرته صلى الله عليه وسلم العطرة إلى اكتمال صورة التأليف في مؤلفات المولد النبوي بدءا من القرن الرابع الهجري، وأن للسادة فقهاء المالكية ما يزيد على مائة مصنف تقرأ في هذه المناسبة الشريفة ذكر بعضها الإمام المحدث عبدالحي الكتاني(ت1962) في كتابه “التآليف المولدية” وأورد فيه ما ألفه في ذلك أكابر فقهاء ومحدثي الأمة على مر القرون كالحافظ ابن الجوزي الحنبلي والحافظ العراقي في كتابه المورد الهني والحافظ السخاوي وغيرهم.

استحسن العلماء إقامة المولد منذ أن أقامه في أول الأمر الملك المظفر صاحب إربل وهو صهر السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي وأحد خاصته، قال عنه الإمام الحافظ ابن كثير مادحا: (أحَدُ الأجْوَادِ والساداتِ الكُبَراء، والملوك الأمجاد، لَهُ آثَارٌ حَسَنة،… وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول، ويحتفل به احْتِفَالاً هائلاً، وكان مع ذلك شهماً شجاعاً فاتكاً بطلاً عاقلاً عالماً عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه) وقد حضر المولد الذي أقامه جمع من المحدثين والحفاظ والفقهاء واستحسنوا ذلك منهم شيخ دار الحديث الأشرفية المحدث أبوشامة المقدسي (655هـ) رحمه الله.”

ولأهل الإمارات إسهام في هذه التآليف فقد نظم الشيخ عبدالله بن محمد صالح الخزرجي شواهد مولد الإمام البرزنجي وسماه “الشاهد المنجي للمولد البرزنجي”، وقد درس الشيخ عبدالله على عمه الشيخ حسن الخزرجي في دبي وله عدد من المصنّفات في شتى العلوم، وألف غيره من العلماء كالشيخ الوزير محمد الخزرجي رسالة في حكم الاحتفال بالمولد وكذلك الشيخ المحدّث أحمد بن الشيخ محمد نور بن سيف المهيري والشيخ عيسى بن عبدالله بن مانع الحميري وغيرهم.

كما استعرض المهيري الشخصيات التي كانت تقيم فن المالد بدءا من إمارة أبوظبي إلى إمارة الفجيرة مرورا بسائر الإمارات، فقد اعتاد شيوخ ووجهاء أبوظبي ودبي إقامة المولد النبوي في كل عام فمن المجالس الأساسية في إمارة أبوظبي بعد مجلس آل نهيان الذي كان يقيمه الشيخ شخبوط والشيخ زايد بن سلطان رحمها الله في قصر الحصن، ومجلس آل حامد ومجلس العتيبات ومجلس سعادة أحمد بن خليفة السويدي والمرحوم عمير بن يوسف والمستشار السيد علي بن عبدالرحمن آل هاشم.

و أشار إلى أن في فترة الثمانينات توفي الكثير من رواد المالد في أبوظبي وقد كان لأدائهم طابع ولون خاص ومميز، أمثال المرحوم الشيخ محمد بن عبدالله القمزي والسيد عبدالرحيم الهاشمي قاضي أبوظبي والوجيه الشاعر عبدالله بن سليّم الفلاسي ومنهم الشيخ جابر بن راشد الهاملي وثاني بن مرشد الرميثي وراشد بن خلف العتيبة ودرويش بن كرم وغيرهم وبقيت بعض الشلات على ذلك النمط القديم، وما زال السادة الهواشم يتوارثون ذلك محافظين على هذا الموروث.
كما ذكر الأسر التي تقيم المالد في إمارة دبي أمثال آل مجرن والفطيم وعرّف بأهم رواده كالشيخ عبدالرحيم المريد والشيخ أحمد بن حافظ.

المولد عند النساء

إلى جانب إقامة المولد عند الرجال تقيم بعض النساء في إمارتي أبوظبي ودبي المولد وذلك مجالس الشيخات وبعض الأسر، ومن أقدم النساء اللاتي اشتهرن بقراءة المولد في إمارة أبوظبي زليخة بنت الشيخ أبوذينة.

المولد النبوي بعد الإتحاد

يعتبر يوم المولد النبوي الشريف من أيام الإجازات الرسمية في الدولة كما اهتمت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بالعناية بهذه المناسبة العظيمة وإقامة الاحتفالات فيها، وما زالت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف تقيم الاحتفال بالمولد النبوي كل عام ويحضرها الشيوخ والأعيان، كما تقيمه دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي.

وقد أعجب الحاضرون بالمعلومات التاريخية المعروضة والشعور بالفخر والانتماء لوطن أساسه التسامح والمحبة بشكل أصيل في هوية أهله، ومن ضمن التعليقات: “نشأ في ثقافتنا وموروثنا أنه لا يمكن أن نتصور عرس من دون المالد” هكذا عبرت الدكتورة حصة لوتاة أستاذة الإعلام بجامعة الإمارات، وختمت الأمسية بالدعاء للأمة الإسلامية والبشرية الإنسانية بحلول المحبة والسلام وإهداء ثواب سورة الفاتحة إلى روح الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله.

السفير المصري بالإمارات يزور مؤسسة طابة

 استقبلت مؤسسة طابة سعادة وائل جاد السفير المصري لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك يوم الثلاثاء 6 ديسمبر 2016، وقد التقى السيد وائل جاد بالحبيب علي الجفري مؤسس ورئيس مجلس إدارة مؤسسة طابة، وعادل الكاف، مدير المبادرات وعلوي الجفري مدير الأعمال الخاصة، ومحمد السقاف مسؤول العلاقات والتواصل الخارجي بالمؤسسة

ودار الحديث حول واقع الخطاب الإسلامي اليوم وانعكاسه في حال المجتمع والدور المنوط به لنهضة الأمم، وأعرب الحبيب علي الجفري عن الحب والامتنان لمصر وفضلها على الأمة العربية والإسلامية ودورها في استقرار المنطقة، وعرض دور مؤسسة طابة باعتبارها مؤسسة بحثية مهمتها الإسهام في إعادة تأهيل الخطاب الإسلامي المعاصر للاستيعاب الإنساني وازدياد الحاجة المؤصلة الرصينة لهذا التجديد وأن التوقف الذي حصل منذ نحو أربعة قرون في مباحث الفلسفة وعلم الكلام لم تجعل هذا الخطاب مشاركا للعالم في مستجدات الحضارة الإنسانية اليوم كما كان من قبل، وأنه قبل النقاش في تفاصيل أثر ذلك على الواقع اليوم يلزمنا التحدث مع الآخر عن النموذج المعرفي الإسلامي ومدى قبوله لهذا التنوع في منطلقات كل فكر وحضارة لا أن يتم الحكم عليها مقيدة بنموذج واحد، وهذا ما يعكف عليه الباحثون في مؤسسة طابة ضمن مشروع: ترتيب العلوم وعلاقتها ببعضها الذي يعد لبنة أساسية في تجديد بناء النموذج المعرفي الإسلامي، وحيث أن هذا العمل يتطلب قدرا كافيا من الوقت والعمل البحثي المركز لإنجاحه فلم تغفل مؤسسة طابة الحاجة للتفاعل مع قضايا العصر المرتبطة بالخطاب الإسلامي فانطلقت من خلال وحدة المبادرات في استشراف المستقبل حول الخطاب الإسلامي من خلال مبادرة الدراسات المستقبلية والتي أطلقت في مطلع العام الجاري نتائج استبانة أجريت في ثمان دول عربية لأكثر من خمسة آلاف شاب وشابة من جيل الألفية لاستقراء تطلعاتهم ونظرتهم للدين والعلماء، وعملت على التفاعل مع ملف التطرف باسم الدين واستغلال الشرع الحنيف في توجهات وتحزبات نتج عنها القتل والخراب منافيا لمقاصد الشرع، وفي المقابل التطرف اللاديني.

السفير الكندي يزور مؤسسة طابة

استقبلت مؤسسة طابة السيد مسعود حسين، السفير الكندي لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، والسيد حمزة عبد الباسط، المستشار السياسي في السفارة الكندية، وذلك يوم الأحد 4 ديسمبر 2016.

وقد التقى السيد مسعود حسين والسيد حمزة عبد الباسط بالسيد عباس يونس، رئيس ومحلل في مبادرة الدراسات المستقبلية بمؤسسة طابة، وعادل الكاف، مدير المبادرات. ورحب السيد يونس بالسفير نيابةً عن رئيس مجلس إدارة مؤسسة طابة الحبيب علي الجفري.

وركزت المناقشات حول فهم دور مؤسسة طابة باعتبارها مؤسسة بحثية متخصصة تهدف إلى خلق نماذج جديدة لفهم الدين في العالم المعاصر. ووضح السيد يونس مجالات الخبرة التي تتميز بها مؤسسة طابة وسلط الضوء على المشروعات الحالية وأهميتها في معالجة القضايا العاجلة في المجالات الدينية العامة. وتم مشاركة الآراء ووجهات النظر حول عدد من الأمور المختلفة ذات الصلة بالتغيرات الدينية الإقليمية والعالمية.

مؤسسة طابة تستقبل السفير المتجول للحوار بين الثقافات والأديان في وحدة الأمم المتحدة في وزارة الخارجية الفنلندية

تشرفت مؤسسة طابة باستقبال السيد بيكا ميتسو، السفير المتجول للحوار بين الثقافات والأديان في وحدة الأمم المتحدة والشؤون العالمية العامة في وزارة الخارجية الفنلندية، وذلك يوم الثلاثاء الموافق 29 نوفمبر 2016.

واستقبل السيد ميتسو كل من الحبيب علي الجفري، رئيس مجلس إدارة المؤسسة، ونور الدين الحارثي، الرئيس التنفيذي، وعادل الكاف، مدير المبادرات، وعباس يونس، محلل في مبادرة الدراسات المستقبلية بمؤسسة طابة.

ورحب الحبيب علي الجفري بالسيد ميتسو في مؤسسة طابة وركز على أهمية الحوار بين الأديان وأوضح أن العالم اليوم في حاجة إلى الحوار الذي يعتمد على قيم الاحترام المتبادلة والاعتراف بتعددية الفكر التي تميز بين مختلف مناطق العالم. ووضح السيد يونس رسالة مؤسسة طابة ومجالات الخبرة التي تتمتع بها وسلط الضوء على مبادراتها الأخيرة وموضوعاتها البحثية ورؤيتها بشأن الأحداث التي تقع في المنطقة وخارجها، بما في ذلك التطرف والنزعات ذات الهوية الدينية.

من جانبه، أشار السيد ميتسو إلى الحاجة إلى تقدير وفهم أعمق لدور الدين في العالم المعاصر وأشاد بجهود مؤسسة طابة في المبادرة بالحديث حول هذا الدور. وأوضح السيد ميتسو المبادرات التي أطلقتها وحدة عمله وتجربتها في تعزيز الحوار والفهم في فنلندا وجميع أنحاء المنطقة.

مؤتمر الشيشان 2016

 في الوقت الذي تشتد فيه فتن كثيرة تعصف بالأمّة وفي ظل محاولات اختطاف لقب “أهل السنة والجماعة” من قبل طوائف من خوارج العصر والمارقين والعابثين بالشريعة المطهّرة الذين تُسْتَغل ممارساتهم الخاطئة لتشويه صورة الدين الإسلامي، تشرّفت مؤسسة طابة بتعاونها في التنسيق مع رعاة المؤتمر، صندوق الحاج أحمد قديروف الخيري ومؤسسة دعم الثقافة الإسلامية والعلم والتعليم ، بتنظيم انعقاد المؤتمر العالمي لعلماء المسلمين تحت عنوان: “من هم أهل السنة والجماعة؟ بيان وتوصيف لمنهج أهل السنة والجماعة اعتقادًا وفقهًا وسلوكًا، وأثر الانحراف عنه على الواقع”، (21-23 ذو القعدة 1437، 25-27/8/2016 في العاصمة الشيشانية غروزني)، بحضور فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وجمع من المفتين، وأكثر من مئتي عالم من علماء المسلمين من أنحاء العالم، تحت رعاية كريمة من فخامة الرئيس الشيشاني رمضان أحمد قديروف حفظه الله.

وقد خَلُص المؤتمر إلى الآتي:

  •   أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، “ومنهم أهل الحديث المفوضة” في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علماً وأخلاقاً وتزكيةً على طريقة سيد الطائفة الإمام الجنيد ومن سار على نهجه من أئمة الهدى، وهو المنهج الذي يحترم دوائر العلوم الخادمة للوحي، ويكشف بحق عن معالم هذا الدين ومقاصده في حفظ الأنفس والعقول، وحفظ الدين من تحريفه والعبث به، وحفظ الأموال والأعراض، وحفظ منظومة الأخلاق الرفيعة.
  • للقرآن الكريم حرم يحيط به من العلوم الخادمة له، المساعدة على استنباط معانيه، وإدراك مقاصده وغاياته الموصلة إلى الله، واستخراج العلوم المودعة فيه، وتحويل آياته إلى حياة وحضارة، وآداب وفنون وأخلاق ورحمة وراحة، وإيمان وعمران، وإشاعة السلم والأمان في العالم، بما يتجلّى للشعوب والثقافات والحضارات المختلفة عيانًا أنّ هذا الدين رحمة للعالمين، وسعادة في الدنيا والآخرة.
  • منهج أهل السنة والجماعة هو أجمعُ وأدق مناهج أهل الإسلام وأتقنها، وأشدها إحكامًا، وأكثرها عناية بانتقاء الكتب العلمية ومنهجيات التدريس التي تعبر تعبيرًا صحيحًا عن طريقة العقل المسلم في إدراك الشرع الشريف، وإدراك الواقع بكل تعقيده، وحسن الربط بينهما.
  • قامت تلك المدارس العلمية المعبرة عن أهل السنة والجماعة عبر قرون كثيرة بتخريج مئات الألوف من العلماء والخريجين، الذين انتشروا في آفاق الدنيا من سيبيريا إلى نيجيريا، ومن طنجة إلى جاكرتا، وتولوا الرتب والمناصب المختلفة، مع الإفتاء والقضاء والتدريس والخطابة، فاستفاض بهم الأمان في المجتمعات، وأطفؤوا نيران الفتن والحروب، واستقرت بهم الأوطان، وانتشر بهم العلم والوعي الصحيح.
  • ظل أهل السنة والجماعة عبر التاريخ يرصدون كل فكر منحرف، ويرصدون مقالات الفرق ومفاهيمها، ويقيمون لها موازين العلم والنقد والتفنيد، ويظهرون الإقدام والحزم في مواجهة مظاهر الانحراف، ويستخدمون أدوات العلوم الرصينة في التمحيص والتصويب، فكلما نشط منهجهم العلمي انحسرت أمواج التطرف، واستقام الأمر للأمة المحمدية لتتفرغ وتنصرف لصناعة الحضارة، فوجد العباقرة من علماء الإسلام، الذين أسهموا في الجبر والمقابلة والحساب والمعادلات المثلثية، وعلوم الهندسة التحليلية، والكسور الاعتيادية واللوغاريتمات، والوزن النوعي، وطب وجراحة العيون، والطب النفسي، وعلوم الأورام، والأوبئة، والأجنة والعقاقير، وموسوعات الصيدلة، وعلوم الحيوان والنبات، والجاذبية الأرضية، وعلوم النجوم والبيئة، وعلوم الصوتيات والبصريات، وغير ذلك من العلوم، وتلك ثمرات منهج أهل السنة والجماعة التي لا تنكر.
  • تكرر عبر التاريخ هبوب أمواج من الفكر المضطرب والمنحرف، الذي يدعي الانتساب إلى الوحي الشريف، ويتمرد على المنهج العلمي الصحيح ويروم تدميره، ويزعزع أمن الناس واستقرارهم، وكانت أولى تلك الموجات الضالة الضارة، الخوارج قديمًا، وصولًا إلى خوارج العصر الحديث من أدعياء السلفية التكفيرية، وداعش ومن سار على نهجهم من التيارات المتطرفة والتنظيمات المسيَّسة التي يعدّ القاسم المشترك بينها هو التحريف الغالي والانتحال المبطل، والتأويل الجاهل للدين، مما ولَّدَ عشرات من المفاهيم المضطربة المغلوطة، والتأويلات الباطلة التي تناسل منها التكفير والتدمير، وإراقة الدماء والتخريب، وتشويه اسم الإسلام، والتسبب في محاربته والعدوان عليه، وهو ما استوجب انبراء العدول من حملة هذا الدين الحنيف لتبرئته من كل ذلك مصداقًا لقوله ﷺ في الحديث الصحيح: “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين”.
  • يأتي هذا المؤتمر ليكون بإذن الله نقطة تحول مباركة لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم “أهل السنة والجماعة” إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصرِه على أنفسهم، وإخراج أهله منه، وذلك بتفعيل المنهج العلمي الرصين الأصيل الذي تبنته مدارسنا الكبرى التي تمثل صِمَام الأمان في تفكيك أطروحات التكفير والتطرف، وبإرسال رسائل الأمان والرحمة والسلام للعالمين، حتى ترجع بإذن الله بلداننا كلها منابر للنور، ومنابع للهداية.

وقد خلص المؤتمر أيضًا إلى عدة توصيات:

1. اعتماد كلمة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وثيقة أساسية للمؤتمر.

2. عودة مدارس العلم الكبرى للوعي بذاتها وتاريخها ومناهج تدريسها الأصيلة والعريقة، والرجوع إلى تدريس دوائر العلم المتكاملة، التي تصنع العلماء القادرين على الهداية، وعلى تفنيد مظاهر الانحراف الفكري، وعلى إشاعة العلم والأمان، وحفظ الأوطان.

3. رفع مستوى الاهتمام والعناية بتدريس كافة العلوم الإسلامية، وخاصة علمي أصول الفقه والكلام لضبط النظر وتصحيح الفكر وتفنيد مقولات التكفير والإلحاد.

4. ضرورة رفع مستوى التعاون بين المؤسسات العلمية العريقة كالأزهر الشريف، والقرويين والزيتونة وغيرها، ومراكز العلم والبحث فيما بينها ومع المؤسسات الدينية والعلمية في روسيا الاتحادي.

5. ضرورة افتتاح “منصات تعليمية” للتعليم عن بُعد لإشاعة العلم الآمن، حيثُ إنها تخدم الراغبين في العلم والمعرفة ممن يمنعهم عملهم من الانتظام في التعليم النظامي.

6. إنشاء قناة على مستوى روسيا توصل صورة الإسلام للمواطنين وتحارب التطرّف والإرهاب.

7. العناية والاهتمام الضروريان بقنوات التواصل الاجتماعي، وتخصيص ما يلزم من الطاقات والخبرات للحضور في تلك الوسائط حضورًا قويًا فاعلًا.

8. إنشاء مركز علمي بجمهورية الشيشان العتيدة لرصد ودراسة الفرق المعاصرة ومفاهيمها، وتشكيل قاعدة بيانات موثقة تساعد على التفنيد والنقد العلمي للفكر المتطرف ومقولاته، ويقترح المؤتمرون أن يحمل هذا المركز اسم “تبصير”.

9. توجيه النصح للحكومات بضرورة دعم المؤسسات الدينية والمحاضن القائمة على المنهج الوسطي المعتدل، والتحذير من خطر ما تقوم به بعض الحكومات من اللعب على سياسة الموازنات وضرب الخطاب الديني ببعضه، وأنه لا ينتج إلا مزيدًا من القلق في المجتمع، وتفتيتًا لصفه.

10. يوصي المؤتمر الحكومات بتشريع قوانين تُجرِّم نشرَ الكراهية والتحريض على الفتنة والاحتراب الداخلي والتعدي على المؤسسات.

11. يوصي المشاركون مؤسسات أهل السنة الكبرى، الأزهر ونحوه، بتقديم المنح الدراسية للراغبين في دراسة العلوم الشرعية من المسلمين في روسيا.

12. يوصي المشاركون أن ينعقد هذا المؤتمر الهام بشكل دوري، لخدمة هذه الأهداف الجليلة، ومواكبة ما يستجد من تحديات ومواجهتها.

13. تكوين لجنة لمتابعة تنفيذ النتائج والتوصيات التي تضمنها هذا البيان.

روابط متعلقة

موقع مؤتمر الشيشان

التجربة المغربية في إعادة الخطاب الديني للمنهج الأصيل

استضافت  مؤسسة التي تُعنى بإعادة صياغة الخطاب الإسلامي المعاصر وتقديم الأبحاث والاستشارات في أبوظبي الأستاذ الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمّدية لعلماء المغرب حيث ألقى محاضرة في خيمة طابة الفكرية عنوانها “التجربة المغربية في إعادة الخطاب الديني للمنهج الأصيل.

وقد أشار في حديثه النافع الماتع إلى أنّ هذه التجربة هي قصة عبور من هندسة فكرية إلى إعادة حالة مضطربة إلى نصابها ونظامها وأصالتها يتجدد فيها خطاب لا ينفصل عن مقاصده وغاياته ومناهجه وبرامجه. وهذه الهندسة سداسية الأبعاد تبدأ بولاية الأمر التي من مهامها أن تكون حاسمة في إحلال السلم؛ ثم المجلس العلمي الأعلى الذي تفرع عنه مجالس علمية عديدة، والمعني بالإرشاد والفتيا: الإرشاد وفق أصول مرعية جرى عليها العمل، والفتيا يقوم عليها المجلس العلمي للإفتاء حصرًا ويرأسه ولي الأمر لضمانة ألا تزيح عن سكّة الأصول المقررة. وتشرف هذه المجالس العلمية على تكوين مستدام للأئمة وتأهيلهم ضمن إطار خطة ميثاق العلماء. وتشرف هذه المجالس أيضًا على الدروس في المساجد حتى لا يصير حبلها على غاربها.

وقد آل الأمر بالمجالس العلمية إلى الإشراف على جميع المعاهد الشرعية، وأنيط بها تجديد القرويين؛ ولها عناية بالنظر في السياق وتضاريسه، فقامت الدراسات السياقية وهي مستمرة، وقد اعتنت بالبعدَين الشرعي والواقعي.

وأنيط بالرابطة المحمّدية لعلماء المغرب مهام جسام عبر 21 وحدة بحثية، منها وحدة لمكافحة التطرّف، ووحدات تعالج سلوكيات منحرفة شتى، وأخرى لبناء القدرات، وإعداد جيل متجانس من المثقفين والعلماء وفق دلائل تكوينية. ومن ذلك أيضًا وحدة “باللوح والقلم” التي تعتني بالأطفال وتجمع أبناء الأمراء بأبناء الملاجئ على بساط واحد. وقد أفادت هذه الوحدة ببرامجها المدروسة كثيرًا، فلديها 35,000 مقالة كتبها أطفال لأطفال. وفي ذلك حماية للنشء والأجيال من أن يجتالهم أهل الزيغ والضلال والأفكار المريضة والتطرّف.

وشدّد الدكتور عبادي على ضرورة تفكيك الشعارات والدعاوي الكبيرة التي تجذب بها داعش الشباب وبيان ضلالاتهم وقبح انحرافهم وأنّهم وفق التعبير النبوي مارقون من الدين؛ وذلك بالنظر إلى المقاصد الشرعية الكبرى وهي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، التي يقفون منها موقف المنتهك والمتعدّي والجاني.

وذكر المحاضر أن المملكة المغربية تبذل الوسع في رعاية هذه المقاصد العالية بتفعيل وظيفة الدولة ومهامّها بضمان أمن الناس ورعاية سلامتهم والنهوض بكافة أحوالهم وشؤونهم.

وقد تفاعل الحضور بمداخلات واستفسارات قيمّة تركّزت على الإفادة بسبل الاستفادة من التجربة المغربية ودور المجتمع بكافة مستوياته في التصدّي للتطرّف ودور العلماء بالتصدّي الفكري المركّز لأطروحاته، ورعاية شباب الأمة من الانزلاق في كمائن أهل الزيغ والضلال والغلو، بإبراز البناء الأصيل للدين ومقاصده الذي تأسس منذ عهد النبوة على الرحمة والجمال وتنمية الطاقات واستثمارها في الخير والعطاء والعلم والنماء.

وقد كان من بين الحاضرين علماء ومستشارون وسفراء ودبلوماسيون وباحثون وإعلاميون، منهم فضيلة السيد علي الهاشمي مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للشؤون الدينية والقضائية، مستشار الشؤون الدينية لرئيس جمهورية الشيشان آدم شهيدوف، وفضيلة الشيخ أسامة الأزهري مستشار الشؤون الدينية لرئيس جمهورية مصر العربية، وخطيب جامع القرويين د. إدريس الفهري، ود. أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، ووفد رفيع المستوى من المجمع الصوفي العام بالسودان، وعدد من أصحاب السعادة السفراء ونوابهم منهم سعادة سفير المغرب محمد آيت وعلي، وسفير تونس حاتم الصائم، وسفير ليبيا د. عارف نايض، وسفير جزر القمر سيد عبدالله باعلوي، وعدد من منسوبي مراكز الأبحاث والدراسات في الدولة، ومن ضمن المداخلات في اللقاء تعقيبان لكل من د. منى البحر عضو المجلس الوطني السابق، ود. حصة لوتاة أستاذ الإعلام بجامعة الإمارات.

مواقف جيل شباب الألفية المسلم من الدين وعلمائه

الحبيب علي الجفري:
من أهمّ أهداف طابة إعادة تأهيل الخطاب الإسلامي المعاصر من أجل الاستيعاب الإنساني.
نرحب بالمؤسسات البحثية والدينية في الدولة للتعاون فيما يمكن عمله في ضوء نتائج الاستبانة.
ما بعد الاستبانة: إكمال المشروع ليشمل بلدانًا عربية وإسلامية أخرى، وعقد ورش عمل للنظر في خطوات عملية.

جيمس زغبي:
من أسباب العنف والتطرّف تهميش الشباب ودورهم في المجتمع.
لا بد من الحديث مع الشباب بدل الحديث عنهم بلغة تنسجم مع تحديات الواقع الذي يعيشون فيه.
يتوقع الشباب من علماء الدين الكثير، ولا ينشدون إصلاحًا في الدين ولكن في لغة الخطاب الديني.
عباس يونس:
تؤيد النتائج ما كان يشعر به كثير من العلماء والدعاة من أننا على وشك تحوّل كبير في المشهد الديني عند جيل الشباب.
لا يمكن تصنيف جيل الشباب اليوم تصنيفًا واحدًا كما كان الحال في الأجيال السابقة.
هذا الجيل يهتم بأكثر جوانب الدين أهمية وعمقًا، وهو جيل يتفاعل مع محيطه ولا يهاب من التعبير عن الخلل الذي يشهده في الخطاب الديني.

أطلقت أمس مبادرة الدراسات المستقبلية في مؤسسة طابة نتائج استطلاع حول مواقف الشباب العربي المسلم من الإسلام وعلمائه؛ وهو استطلاع يعدّ الأول من نوعه نفّذته مؤسسة طابة بالتعاون مع مؤسسة زغبي للخدمات البحثية في ثمانية بلدان عربية هي الأردن والإمارات والبحرين والسعودية وفلسطين والكويت ومصر والمغرب، حيث قابلت وجهًا لوجه 5,374 شابًا وشابّة أعمارهم بين 15-34.

حضر الندوة عدد من السفراء والدبلوماسيين العرب من الدول التي شملها الاستطلاع ومن دول أخرى مهتمة بشؤون الإسلام والمسلمين، وعدد كبير من المثقفين والإعلاميين والمسؤولين في المؤسسات المجتمعية في الإمارات إلى جانب علماء ودعاة وجمع من الشباب.

استعرض الدكتور جيمس زغبي مدير مؤسسة زغبي للخدمات البحثية أبرز نتائج الاستطلاع. ومن ذلك أنّ الإمارات ومصر والمغرب من أكثر الدول رفضًا لحركات كداعش والقاعدة،؛ وأنّ الشباب، لا سيما في السعودية ومصر والكويت، يتوقّعون دورًا مهمًّا للدين في بناء مستقبل المنطقة؛ وأنّ الدين عنصر بارز في هويتهم ويريدون أن يُعرَفوا به؛ وأنّ كثيرًا منهم يجد تحدّيًّا في الحفاظ على هويته الدينية في المجتمع؛ وأنّهم يرون أهم جوانب الدين العيش وفق الأخلاق والآداب الإسلامية ثم القضايا السياسية التي تواجه المجتمعات المسلمة؛ وأنّهم يرون دورًا للدولة في التدخّل في الحياة الدينية لا سيما في ضبط الخطاب الإسلامي وضمان خلوّه من التحريض على العنف والكراهية؛ ويرون أنّ مجتمعاتهم تفتقر إلى عالمات وداعيات في النطاق العام؛ وأنّ الحركات المتطرفة كداعش والقاعدة انحراف كامل عن دين الإسلام.

ثم تحدثت الدكتورة حصة لوتاه عن أهمية دور الإعلام في توجيه الاستطلاعات والاستبانات، وأنه الوسيلة للوصول إلى الشباب بإبراز العلماء وكسر حواجز التواصل بين الأجيال وخلق تفاهم عام بينهم. وذكرت أن الدين في الماضي كان حاضرًا بقوة في سلوك الناس وكذلك في التعايش مع الآخر، أكثر من كونه مظهرًا خارجيًّا.

وأضاف عباس يونس مسؤول مبادرة الدراسات المستقبلية في مؤسسة طابة، أنّ الشباب يثقون في المفتين والعلماء المؤهلين باعتبارهم أصحاب الحق في بيان أمور الدين ولكنّهم لا يذهبون بالضرورة إلى مراكز الفتوى حيث يتواجد العلماء حينما تكون لديهم أسئلة عن الدين؛ وهم يرون دورًا بارزًا للدين وفي الوقت نفسه لا يهتمون بطلب العلم الشرعي. وهذه شؤون تحتاج إلى دراسة ونظر للوقوف على تشخيص صحيح لأسبابها.

وختم الندوة الحبيب علي الجفري بتأكيده أهمية التعاون والمضي قدمًا بخطوات عملية في سبيل الاقتراب أكثر من الشباب وفهمه وإدراك ما يعانيه في هذا الزمن الحائر كي يسهل على الدعاة الأخذ بأيديهم إلى برّ الأمان فلا تتخطّفهم تجاذبات التطرّفين الديني أو اللاديني. ولفت النظر إلى خطورة أن يوجد 1% من الشباب يؤيّدون جماعات متطرّفة كداعش، وأنّ هذا يحتاج إلى عمل وجهد لمعالجته. وأشار إلى أهمية أن يكون العلماء والمسؤولين واعين لما ينبغي أن تكون عليه هوية الشباب في المستقبل. وقال إنّ هذه الدراسة هي بداية، وأنّ النية التوسع للقيام بمزيد من الاستطلاعات في بلدان أخرى، مع أهمية إقامة ورش عمل لتدعيم العمل على النتائج. ودعا إلى التعاون بين الجهات الحكومية والمؤسسات الدينية والمثقفين من أجل تفهم واقع الشباب، لأنّ “الحكم على الشيء فرع عن تصوّره”، وأنّه لا بد من العناية بالخطاب والمخاطِب والمخاطَب. وفي الختام شكر دولة الإمارات العربية المتحدة إذ تخطط وتعمل ضمن رؤية مستقبلية استراتيجية لعام 2030، في الوقت الذي لا تزال بعض الدول تناقش ملفات من خمسين عام مضت.

يمكن الاطّلاع على الدراسة عبر الموقع الالكتروني باللغتينhttp://mmasurvey.tabahfoundation.org

دروس من شرق آسيا؛ هل ينبغي أن ينعطف العالم العربي إلى الشرق؟

استقبلت مؤسسة طابة هذا الأسبوع الدكتور شاوجِن تشاي، باحث أول في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في دولة الإمارات ومحاضر سابق في جامعة زايد وجامعة الشارقة الأمريكية، لإلقاء محاضرتين حول نماذج ثقافية محلية من شرق آسيا وما واجهته دولها من تحديات في الحفاظ على الهويات الثقافية والقيم المحلية خلال عملية التحديث والتنمية.

فقد مرت الصين خلال القرن العشرين بتجربتي الثورة الشيوعية والثورة الثقافية اللتين أرادتا إحلال أفكار حديثة محل مظاهر “الثقافة القديمة” بما فيها النطاق العملي للكونفوشيوسية. وبعد محو هذه المظاهر الروحية للعالم القديم تصدّر المشهدَ تنازع قوى الشيوعية والقومية والرأسمالية والفردانية؛ إذ اعتقد كثير من الثوريين الصينيين أنه لا سبيل لتحقيق الحداثة إلا بالتخلّص من المفاهيم الروحية القديمة.

غير أنّ الدكتور شاوجِن تشاي يرى أنه قد حصل إحياء للقيم الكونفوشيوسية التراثية في شرق آسيا على الرغم من المساعي الرامية إلى إزالة الفكر الديني المحلي. ففي اليابان، ثالث أكبر اقتصاد في العالم، ازدهر الاقتصاد والقيم التراثية مندمجة بعالَم الأعمال. وكوريا الجنوبية صارت على الرغم من التأثيرات الغربية قوة اقتصادية متنوّعة مع رغبتها الواضحة في الحفاظ على القيم التراثية والروابط العائلية التقليدية.

ومع أنّ الصين قد قُمِع كثير من تراثها الديني إلا أنّه بدأ يشهد انبعاثًا من جديد. فقد سُمح في الريف الصيني بحكم ذاتي محلي، وهو ما يتباين بشدّة مع مبادئ الحكم في الأيديولوجية الرسمية للدولة. وقد أظهرت مؤخرًا دراسات حول تأثير القيم التراثية انحسارَ الفساد في القرى التي تحافظ على القيم الدينية، وأنّ سكان المدن صاروا يميلون أكثر إلى الدين والروحانية.

وقد ذكر الدكتور شاوجِن تشاي أنّ شعب الصين لا يزال يحنّ إلى المعاني الروحية على الرغم من سعي نماذج العلمانية الغربية لملء الفراغ الروحي بالرفاهية المادية.

وفي ختام محاضرته اقترح الدكتور شاوجِن تشاي استقصاء أنماط شرق آسيوية للتنمية حيث إحياء التراث والحفاظ عليه محل تقدير، فقد يكون في ذلك نموذج بديل للعالم العربي وهو يناضل لمقاومة الانجراف الثقافي وسط ضغوط أنماط التنمية الغربية.

“فإن أي أمّة تصبو إلى التقدّم عليها أولاً أن تفهم ثقافتها الخاصة”. وبما أنّ نماذج التنمية في أي سياق غير كاملة فيمكن أن يستخدم العالم العربي نموذج الشرق ليكون متنبّهًا للتنمية الذاتية. وإنّه يجب الحفاظ على الهوية مع التقدّم، سواء كانت في اللغة أو الدين.

جاءت هذه المحاضرة باعتبارها جزءًا من مبادرة الدراسات المستقبلية في مؤسسة طابة.