منتدى الشباب: الشباب ومنظومة القيم
الشباب ومنظومة القيم
عقدت مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات الحلقة النقاشية العاشرة لمنتدى طابة للشباب حول موضوع “الشباب ومنظومة القيم”، وذلك بحضور الدكتور أيمن عبد الوهاب نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ومجموعة من الشباب من تخصصات وأعمار مختلفة، وأدار الحوار د. يوسف ورداني مدير مركز تواصل مصر للدراسات والبحوث.
أكد مدير الجلسة في بداية الاجتماع على أهمية دراسة القيم بوصفها “موجهات” للسلوك البشري في المواقف الاجتماعية المختلفة، وعلى تعرُّض على هذه القيم لاهتزازات ضخمة منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين خاصة بين فئتي النشء والشباب مشيرًا إلى قلة المسوح العلمية عن قيم الشباب في مصر خاصة بعد عام 2011.
أبرزت المناقشات بين الشباب تباينًا في تعريفهم لمفهوم القيم، بين كونها مطلقة تسري على جميع الأفراد والمجتمعات في الوقت نفسه، وبين أنها نسبية تراعي خصوصية الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل دولة على حدة غير أنه كان هناك اتفاق على تأثير التغيرات التي تعرض لها المجتمع في السنوات الأخيرة على منظومة القيم الحاكمة فيه، وأن ذلك يعتبر امتدادًا لتغيرات أكبر تعرض لها من سبعينيات القرن العشرين مع تطبيق سياسات الانفتاح الاقتصادي، وسيادة النزعات المادية الاستهلاكية وقيم المصلحة الذاتية بين كثير من المواطنين، وتبني أعداد متزايدة منهم لأنماط التشدد والتطرف الديني. وبصورة عامة اتفق المشاركون على تأثير هذه التغيرات بصورة أكبر على فئة الشباب كونها مازالت في مرحلة التشكل والتبلور، وأنها أكثر تأثرًا وحساسية للتغيرات السريعة، وأشد نزوعًا للتمرد والرغبة في التغيير، وأكثر اندفاعًا واستعدادًا للمخاطرة.
ومن خلال النقاش، حدد المشاركون عددًا من القيم التي تعرضت لاهتزاز، وكان أبرزها قيم العمل والجدارة، والثقة في الدين، والنظرة إلى المستقبل مع وجود عدم تغير لافت في قيمة المشاركة العامة في المجتمع كما يوضحها ضعف مشاركة الشباب في الأنشطة التطوعية، وفي الانتخابات والاستفتاءات العامة. ورأى غالبية المشاركين أن هذا الاهتزاز جاء نتيجة مجموعة من التطورات السلبية التي أصابت المجتمع مؤخرًا على النحو الذي برز في تراجع دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في غرس القيم الإيجابية بين النشء والشباب خاصة الأسرة والمدرسة، وبروز حالات التفكك الأسري وزيادة معدلات الطلاق خاصة بين المتزوجين حديثًا، والزيادة السكانية وما تفرضه من ضغوط على الأسر الفقيرة والمتوسطة، والدور المتزايد التي باتت تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل وعى الشباب لاسيما في ظل بروز اتجاه يحاول التمهيد التدريجي للقبول بقيم وافدة وغريبة على المجتمع المصري.
غير أنه على الجانب الآخر، أشاد عدد من المشاركين بدور أجهزة الدولة، وتحديدًا بعد ثورة 30 يونيو، في محاولة بلورة استراتيجيات متكاملة للحفاظ على القيم الوطنية، وتعزيز مفاهيم الهوية الجامعة لكافة مكونات الشعب المصري خاصة في مجال الاهتمام بالثقافة والفن كما برز في أفلام مثل الممر ومسلسلات مثل الاختيار1و2و3. وذكروا أمثلة لتجارب شبابية ناجحة خاصة فيما يتعلق بعمل الشركات الناشئة ومبادرات ريادة الأعمال، والدور الذي يقوم به الشباب في تنفيذ المشروعات القومية.
وفي نهاية الجلسة، شدد المشاركون على أهمية صياغة عقد اجتماعي جديد يربط بين الدولة والمواطن، وتكثيف الجهود المبذولة في مجال تعزيز قيم المواطنة ومكافحة الفساد، وطالبوا بتفعيل دور الوزارات والهيئات المختلفة في التواصل الإيجابي مع شريحتى النشء والشباب خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالاستمرار في عملية تطوير المناهج التعليمية وتوجهها نحو غرس قيم التفكير النقدي بين الأجيال الجديدة، وبإشاعة مناخ وتقاليد الحوار بين النشء والشباب على كافة المستويات. وفي هذا السياق، أشاد الشباب بالحوار الوطني الذي دعا إليه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مشيرين إلى أهمية مشاركة الشباب في كافة جلساته ومحاور عمله.